اختفاء المعارض المغربي المهدي بن بركة في باريس.

مشاركة
حدث في مثل هذا اليوم الموافق ل 1965.كما جرت العادة في يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول من كل سنة، يتجمع فرنسيون وعرب أمام مقهى ليب الشهير في مواجهة كنيسة سان جرمان ديبري، في العاصمة الفرنسية باريس، وهو نفس المكان الذي اختطف منه المناضل المغربي المعارض، المهدي بن بركة عام 1965.

وبالطبع، يكون هذا اللقاء فرصة لابنه البشير بن بركة لإلقاء كلمة يتحدث فيها عن آخر محاولات العائلة مع محاميها للبحث عن الحقيقة، وكشف المتورطين في اختطاف وقتل المهدي بن بركة ولمصلحة من، وأين يرقد جثمانه.

أسئلة تتكرر كل مرة، وفي كل مرة لا تأتي الحقيقة، على الرغم من مرور الزمن. وهذه السنة أيضا كان الموعد، حيث حضر العشرات من الفرنسيين والعرب، مساء الأحد، إلى المكان لسماع كلمة البشير بن بركة على أمل حصول جديد، حيث تحدث البشير عن الرغبة التي لم تعرف الكلل في البحث عن الحقيقة والعدالة، مهما كانت التحديات.

ودان ما سمّاه التواطؤ بين الحكومتين الفرنسية والمغربية للعمل على عدم كشف الحقيقة، باسم “سيادة الدولة وسر الدفاع، بكل ما يترتب عليهما من وضع العصيّ في عجلة العدالة، وإخفاء الحقيقة عن عائلة الراحل، ومواصلة حماية المجرمين والمتواطئين في هذه الجريمة الفظيعة”.

وأكد المتدخل أن هذا اللقاء تذكير أيضا بأن الحكومة المغربية لم تقم بواجبها في فعل شيء من أجل إغلاق هذاالملف. ورأى أن من يناضل في وجه الحقيقة يصطدم في فرنسا بعائق كبير اسمه “حق الدولة” و”سيادة الدولة” و”سر الدفاع”، واستعرض قضايا كثيرة لم تكشف الحقيقة بشأنها بعد، مثل اغتيال سانكارا وجريمة إغراق المتظاهرين الجزائريين في نهر السين وجرائم سطيف عام 1945، وتصفية الرماة السنغاليين عام 1944، واغتيال هنري كورييل ومحمود الهمشري وغيرها، وكلها لم تقل فيها العدالة كلمتها بعد، بل ظل المجرمون بمنأى من العقاب.

كما انتقد نجل المهدي بن بركة السلطات الفرنسية، “التي بدل أن تعمل على إظهار الحقيقة وترك العدالة تأخذ مجراها، تقوم باختلاق الأعذار والمناورات العديدة من أجل إعاقة العائلات والمؤرخين والباحثين من الوصول إلى الحقيقة، والحؤول دون إعادة الحقوق للضحايا”.

وكشف بن بركة عن قرب تكوين “تجمع سر الدفاع”، الذي سيرى النور في الأسابيع القريبة القادمة، لتتبع مختلف القضايا التي لا يتحرك فيها القضاء لأسباب تتعلق بـ”سر الدفاع” أو”سيادة الدولة”.

وأضاف أن “الاستخدام المفرط لـ”سر الدفاع” و”سيادة الدولة” في فرنسا تجلى بشكل واضح في قضية اختفاء والدي، المهدي بن بركة”.

وذكر البشير بن بركة أنه “راسَل سنة 2017 الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لتذكيره بمسؤولية المغرب وفرنسا فيقضية اختطاف المهدي بن بركة، وطالبه بالتحرك لوضع حد للجمود الذي يعرفه الملف بسبب ما يسمى “سيادة الدولة” و”سر الدفاع”، ولكن هذا الطلب ظل بلا جواب”. وتابع: “تفاجأت أنه قبيل انتهاء ولاية فرانسوا هولاند بأيام أعطت “اللجنة الاستشارية لسر الدفاع الوطني” موافقتها لنزع السرية عن 89 وثيقة، وكان للقرار صدى كبير في الصحافة الفرنسية وغيرها، بهذا القرار الذي أريد منه مساعدة العدالة في البحث عن الحقيقة”.

ومضى قائلا: “بعد أن قمت بتحليل هذه الوثائق اكتشفت أن الأمر كانت مجرد “مسخرة ضخمة”، وأن وزارة الدفاع الفرنسية استهزأت من قضاة التحقيق ومن الطرف المدني ومنّا جميعا، والحقيقة أن الوثائق الـ89 لا علاقة لها إطلاقا بطلب قاضي التحقيق الذي طالب بنزع السرية الكاملة عن الوثائق التي جرى التحفظ عليها في مقر الإدارة العامة للأمن الخارجي سنة 2010، والتي لا تزال تعتبر سر دفاع. وهذه الوثائق، يعرفها بعضهم منذ 1965 و1966”.

وعبّر البشير بن بركة عن أمله في أن يقوم الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون بفعل شيء ضد مبدأ “سيادة الدولة”، كاشفا عن تسليمه، قبل شهر، خطابا بهذا الصدد إلى قصر الإليزيه.

وتطرق كذلك إلى رحيل شهود الجريمة، وخاصة من المغاربة، فقبل شهر رحل عبد الحق العشعاشي، أحد عملاء الاستخبارات المغربية المشتبه بتورطه في اختطاف المهدي بن بركة. وقد حاول قضاة فرنسيون الاستماع إليه، لكن القضاء المغربي لم يتعاون مع الفرنسيين، فرحل قبل أن يُستمَع إليه.

في المقابل، لا يزال شاهد آخر حيا، وهو ميلود التونسي، الذي يَرد في التحقيقات الفرنسية باسم الشتوكي، والذي حوكم غيابيا بتهمة الاختطاف والتعذيب، لكنه تقدم عن طريق محاميه بشكوى في محكمة باريسية ضد البشير بن بركة والقضاة والصحافيين الفرنسيين بتهمة التشهير.

مشاركة