في مثل هذا اليوم الموافق ل1825 لم يتوقّع الإنجليزي جورج ستيفنسون أن مبادرته بإنشاء سكة حديدية لنقل الفحم من منجمه الخاص إلى شيلدون، ستكون بداية ثورة حقيقية في عالم نقل البضائع والركاب، ولتصبح بعدها القطارات الوسيلة الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم. وتحتفظ ذاكرة اليوم بأول استخدام لسكة حديد ستيفنسون في العام 1825 بعدما نجح في إنشاء خط يمتد 40 كم لنقل الفحم الخام من منجمه في «ستوكتون» إلى «دارلنجتون» ومنها إلى «شيلدون»، مستخدمة بعض المحركات البخارية الثابتة التي يمكن أن تستخدم في جر العربات المحمّلة بالفحم على الخطوط الصاعدة الصعبة. بعدها قرر ستيفنسون إنتاج هذه المحركات بنفسه فأصبح شريكاً في مصانع هندسية للقاطرات في مدينة «نيوكاسل». استخدم خط ستوكتون – دارلنجتون في أول الأمر في نقل البضائع فقط، ولكن سرعان ما تبين أنه مفيد لنقل الركاب، فجهزت عربات مناسبة ولكنها ظلت تجر بواسطة الخيل أحياناً، في حين استخدمت القاطرات لجر عربات البضائع.
أثناء انشغال ستيفنسون بخط حديد ستوكتون – دارلنجتون، فكّر بعض رجال الأعمال في لانكشير في بناء خط بين مدينة مانشستر وليفربول لنقل المواد الخام اللازمة للصناعات القطنية بين المدينتين وصادراتها من المنسوجات الجاهزة، وعلى الرغم من تحمس رجال الصناعة إلا أن أصحاب الأراضي لم يوافقوا على مد خط السكك الحديدية عبر أراضيهم، فتقدّموا بشكوى إلى البرلمان الذي استضاف مناقشات حامية انتهت بالتصديق على تشييد الخط الحديدي، وعهد بإدارة المشروع إلى ستيفنسون.
امتد الخط لمسافة خمسين كم من الخطوط المزدوجة، واستغرق تنفيذه أربعة أعوام حتى موعد افتتاحه في العام 1830، وكان أول خط يستخدم فيه القطار البخاري وأول خط أستخدم لنقل الركاب. أما المفارقة التاريخية في ابتكار السكك الحديدية فهي اختراع عربات الجر قبل قضبان السكك الحديدية بنحو 2500 عام، إذ اخترعها البابليون القدماء، واستخدمت على نطاق واسع في الحضارتين المصرية والإغريقية. وكان الإغريق أول من حفروا مسارات لعرباتهم بعمق 15 سنتيمتراً تقريباً، كانت تدفع العربة على خطين متوازيين بمسافة متر واحد أو أكثر فيما بينهما بشكل أشبه بقضبان السكك الحديدية. وفي القرن ال16 استخدمت القضبان لنقل الفحم من المناجم على عربات يدفعها العمال.
وبعدما أصبح المحرك البخاري عاملاً أساسياً لتشغيل المصانع تغيرت الحياة في بريطانيا إذ تضاعف عدد المصانع، وبدت الحاجة ملحة إلى وسائل نقل أكثر سرعة لتوزيع بضائعها فازدادت أهمية تشييد مزيد من خطوط السكك الحديدية التي أصبحت بعد ذلك بمثابة شرايين الصناعة والنقل الإنجليزية. ومع انتصاف عام 1842 أصبح السفر بالقطارات الوسيلة الأكثر سرعة وأماناً بعد تدشين القطار الملكي الأول الذي استخدمته الملكة فيكتوريا والعائلة المالكة في السفر.
