اغتيال المفكر العلماني فرج فودة من قِبَل الجماعة الإسلامية.

مشاركة

في مثل هذا اليوم الموافق ل 07 يونيو 1992  اغتيال المفكر العلماني فرج فودة من قِبَل الجماعة الإسلامية.

كشابٍ يافع امتلأ حماسًا بالمشروع القومي للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، كان فرج فودة. حتى قتل أخيه الأصغر في نكسة 1967 فبدأ فودة يشارك في مظاهرات ضد عبد الناصر، قد يختلف أو يتفق القارئ حول موقفه من السلطات المصرية المختلفة، لكنَّ ما هو معلوم لدى الرجل أنه كانَ مسلمًا، وما كان معلومًا لدى أعدائه أنه في حكم المرتد عن الإسلام.

إن فصل الدين عن السياسة وأمور الحكم إنما يحقق صالح الدين وصالح السياسة معًا على عكس ما يصور لنا أنصار عدم الفصل بينهما” حصل فرج فودة على ماجستير العلوم الزراعية وعلى الدكتوراة في الفلسفة في الاقتصاد الزراعي من جامعة عين شمس، وكان يعتقد أنَّ طريقه سيظل محصورًا في التدريس داخل الجامعة وتأليف بعض الكتب في تخصصه العلمي الدقيق، لكنَّ اشتغال قلبه وضميره بقضايا وطنه ومشكلاته إبان فترة عبد الناصر ثم السادات وجهته إلى عالم الفكر، ليلقى بعد ذلك مصيره بسبب قلمه.

اختلف فرج فودة مع تيار”الإسلام السياسي” بل كانَ مناهضًا له فكرًا وعملاً سياسيًا، وقد استقال فرج فودة من حزب الوفد الجديد لرفضه تحالف الحزب مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1984. وقامت بين فرج فودة والعديد من المفكرين الإسلاميين مناظرات حول الدولة الدينية والدولة المدنية وتطبيق الشريعة الإسلامية، وغيرها من الموضوعات التي كان لفودة فيها رأيًا مخالفـًا للسائد.

لم يكن فودة يتعرض لمناوشات من قبل التيار الإسلامي السياسي فقط، وإنما أيضًا من قبل الأزهر، بالتحديد جبهة علماء الأزهر ـ المتصلة بالأزهر الشريف في ذلك الوقت ـ فقد دعت الجبهة لجنة شؤون الأحزاب لعدم الموافقة بترخيص فرج فودة لحزبه السياسي الذي أسماه “حزب المستقبل”.

في عام 1992 أصدرت هذه الجبهة بيانًا بكفر فرج فودة ووجوب قتله، بسبب آراءه حول تطبيق الشريعة والتعامل مع الدولة المدنية ورفضه للإسلام السياسي. كما أن العديد من المفكرين الإسلاميين والعلماء أيدوا هذا الحكم الديني بكفر فرج فودة.

في8 يونيو 1992 وقبيل عيد الأضحى بأيام، قامت الجماعة الإسلامية باغتيال فرج فودة وهو خارج من مكتبه مع ابنه أحمد، أصيب فودة بطلقات الرشاش الآلي وفشلت محاولات الأطباء في الحفاظ على حياته، فمات بعدها بست ساعات فقط.

“أثناء التحقيق أعلن أحد قتلة فرج فودة أنه قتله بسبب فتوي الدكتور عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية بقتل المرتد، وعندما سئل قاتله من أي كتبه عرفت أنه مرتد؟ أجاب: أنا لا أقرأ ولا أكتب”

أعلن العديد من المفكرين والقيادات الإسلامية تأييدهم لقتل فودة، منهم الشيخ محمد الغزالي والدكتور عبد الغفار عزيز والمستشار مأمون الهضيبي. إلا أنَّ فودة كانَ واضحًا في أكثر من كتاب من كتبه أنه يسعي لإسلام نقي خالٍ من العنف و”الإرهاب”.. إسلام أكثر قبولاً للتعددية ويقدم الرحمة على الغضب، لكنَّ حلمه انتهى على عتبات مكتبه بمصر الجديدة.

مشاركة