القوات العثمانية تحقق انتصار كبير في «معركة فيينا»

مشاركة

في مثل هذا اليوم الموافق 3 سبتمبر 1683, حدثت واحدة من اهم المعارك التى خاضها المسلمون لا تقل تاريخيا عن معركة بلاط الشهداء , فانتصار المسلمون فى هذه المعركة كان كفيلا بأن تكون كنيسة القديس بطرس فى روما الان مسجد , باعتبار أن الامبراطورية النمساوية كانت اقوي ممالك اوروبا فى حينها واخر المدافعين عن روما والبابا . ولكن المسلمون انهزموا بفعل العوامل التى لا ننهزم الا بسببها : الخيانة وسوء النفوس .
نبذه تاريخية : بعد فتح العثمانيين للقسطنطينية بقيادة السلطان محمد الفاتح 1453 م , تغيرت ساحة القوى السياسية والعسكرية فى اوروبا وبدأت تتشكل من جديد , كان أبرز ملامح ذلك فى عهد السلطان سليمان القانوني حيث اصبحت معظم اوروبا موحدة تحت قيادة شارل الخامس امبراطور اسبانيا , وبذلك اصبحت فى اوروبا ثلاث قوى رئيسية :
* اتحاد اسبانيا مع النمسا بقيادة شارل الخامس واخيه فرديناند .
* المجر بقيادة لويس الثانى , وكانت فى تحالف مع اسبانيا .
* فرنسا , شكلت اخر تلك القوي وكانت فى حالة عداء مع اسبانيا مما جعلها تتقرب لسلطان المسلمين سليمان القانوني رغبة فى الاستقواء بهم واضعاف ملك شارل الخامس .
وكان على المسلمين حينئذ أن يتكفلوا بالجبهة الشرقية وهى المجر الملاصقة لحدود الدولة العثمانية , واستغل سليمان فرصة توتر العلاقة بينه وبين لويس الثانى ليخرج فى حملة ضخمة وينتصر عليه فى معركة موهاكس الاولي ويفتح بودابست , ادت السيطرة العثمانية على المجر الى قيام النمسا بمناوشات وهجومات مستمرة على اراضيها تمكنت فيها من استعادة بودابست , فما كان من القانوني الا أن اعد حملة ضخمة استعادت بودابست وبدأ فى مطاردة خصمه فرديناند الذى هرب منه الى فيينا ظنا منه أن سليمان غير قادر على مهاجمتها الا أن سليمان كان ابعد طموحا وتقدم بالفعل وحاصر فيينا مرتين عامي 1529 , 1532 لكنه فشل فى الاولي بسبب تركه لمدافعه فى بودابست بسبب الجليد وفى الثانية بسبب قدوم الشتاء اثناء الحصار وهجوم الصفويين الشيعة على حدود الدولة فى العراق .
المحاولة الثالثة :
بعد استقرار الجبهة الداخلية فى عهد السلطان محمد الرابع , خرج وزيره الاعظم المحنك والقوي قره مصطفى باشا بجيش كبير بلغ 120 الف مقاتل ليهاجم النمسا وكان هدفه قلعة نوهزل , وكانت قلعة منيعة محصنة واهميتها أنها تقع على الطريق الواصل بين بودابست وفيينا , مما يجعلها بوابة فيينا الشرقية وحاميتها الاولي , كان غرض العثمانيين طبقا لاوامر السلطان محمد هى الاستيلاء على “نوهزل” ثم “ينق قلعة” على الحدود المجرية النمساوية , وبرغم مناعة قلعة نوهزل الا أن قره مصطفى باشا احكم الحصار حولها مما اضطر قائدها الى التسليم للعثمانيين بعد 37 يوم من الحصار .
بعد فتح نوهزل , غير مصطفي باشا من استراتيجيته لتصبح فيينا هدفه التالي , اثار القرار استغراب القادة اذ كانت اهداف الحملة بالنسبة لهم قد تحققت بفتح نوهزل الا أن مصطفى باشا صمم على رأيه شارحاً الموقف بأن الاستيلاء على فيينا هو الضمانة الوحيدة لايقاف الحرب نهائيا وكذلك صعوبة اعداد مثل هذا الجيش مرة اخري بهذه القوة والكفاءة , وكان من اصراره أنه لم يخبر السلطان الا بعد الحصار بعده ايام .
الحصار :
بعد الانتصار فى نوهزل , شق الجيش العثمانى الطريق نحو فيينا التى كانت فى حالة رعب واثقة بأن سقوط فيينا بات قريبا مما دعا امبراطور النمسا والبابا الي الاستنجاد بالدول الاوروبية لانقاذ فيينا , فاخرجت فرنسا (المتحالفة مع العثمانيين) 5000 رجل “مما يثبت أن التحالف بينهما كان شوكة فى ظهر العثمانيين” بالاضافة الى جيوش من بولندا وسكسونيا والجنود الهاربين من سلوفاكيا ووضع لوائهم تحت قيادة ملك بولندا يوحنا الثالث سوبياسكي . حاصر العثمانيون القلعة تماما ولم يكن امام الاوروبيون للدخول الى المدينة سوي جسر الدونة الذي تسيطر عليه فرقة عثمانية يقودها مراد كراي خان امير القرم بأوامر أن يدافع عنه وينسفه اذا اضطر الى ذلك حتى لا يعبر الاوروبيون للمدينة . وكان مراد هذا يكره مصطفي باشا اشد الكره , وهنا يبرز اول عامل من عوامل هزيمة المسلمين _ الخيانة_ , فبينما اصر الاوربيون على عبور الجسر مهما بلغت الخسائر , الا أنهم عبروا بأمان تام بفضل أوامر مراد خان لقواته بعدم نسف الجسر . زاد موقف الاوروبيون وساءت معنويات الجنود المسلمين كثيرا بعد عبور القوات الاوروبية . وكانت خطة مصطفى باشا أن يحفر نفق كبير يمتد تحت سور المدينة ويلغم نهاية النفق بكمية كبيرة من المتفجرات أملا أن تضعف من مناعة المدينة الا أن النمساويين اكتشفوا النفق وتمكنوا من ابطال مفعول المتفجرات فى اللحظة الاخيرة . فى هذا الوقت بدأت المعركة وكان واضحا مدى اليأس المسيطر على القوات العثمانية بعد وقعة الجسر , وقامت مشاه البولنديين بهجوم على ميمنة الجيش العثمانى الذي ظهر فى حالة متفككة نتيجة الخلافات بين مصطفي باشا وقادته . ونجح الاوروبيون فى الانتصار وسقط 15000 شهيد من المسلمين وبرغم ذلك نجح مصطفى باشا فى تأمين انسحاب قواته . وهنا يظهر ثانى العوامل التى تؤدي للهزيمة : سوء النفوس , فضعاف النفوس من حول السلطان محمد الرابع الحاقدين على شخص مصطفي باشا قد قلبوا قلب السلطان على صدره الاعظم القوي , انتهت هذه المؤامرة بأوامر السلطان بقتله لقائده الفذ مصطفى باشا .
النتائج :
دخلت الدولة بعد تلك الهزيمة فى عصر توقف الفتوح وخسرت المزيد من الاراضي لصالح النمسا وأصبحت كل معاركها التالية فى اوروبا إما دفاعية أو لاعادة حدود الدولة السابقة , تلك التى رسمها السلطان سليمان القانونى

مشاركة