هزت 3 تفجيرات انتحارية مدينة كركوك الغنية بالنفط، المتنازع عليها بين العرب والتركمان والأكراد، اعتبرت الأسوأ في تاريخها، راح ضحيتها نحو 320 شخصاً بين قتيل وجريح، وبين القتلى صحفيان كرديان. وقال محافظ كركوك عبد الرحمن مصطفى، في اتصال مع «الشرق الاوسط»، ان الانفجارات أصابت مركز المدينة، بينها تفجير شاحنة مفخخة استهدفت مقر «الاتحاد الوطني الكردستاني»، الذي يقوده الرئيس العراقي جلال طالباني، و«ألحقت خسائر فادحة». فيما ألقى مصطفى سيد قادر، القيادي في حزب طالباني المسؤولية على تنظيم «القاعدة».
وأعلن اللواء برهان حبيب طيب، قائد شرطة منطقة كركوك أمس مقتل 75 شخصاً في الأقل واصابة 185 آخرين بجروح، لكن مصادر أمنية أخرى تحدثت لوكالة انباء «اصوات العراق»، المستقلة عن 165 قتيلا.
وقال اللواء تورهان يوسف، قائد شرطة مدينة كركوك، ان «انتحارياً يستقل شاحنة مفخخة اقتحَمَ مبنًى تابعاً للاتحاد الوطني الكردستاني في منطقة رأس القلعة شمال كركوك». وأوضح ان «المبنى يضم عددا من المكاتب الادارية ومنظمات المجتمع المدني واللجنة الاولمبية الكردستانية ونادياً ثقافياً». وتابع أن «المبنى تعرَّض إلى أضرار جسيمة وانهارت أجزاء منه على الرغم من وجود مطبات وحواجز اسمنتية تحيط به». وتقوم فرق الإنقاذ بانتشال الضحايا الذين علقوا تحت أنقاض المباني التي انهارت، كما طلبت الشرطة من خلال مكبرات الصوت من المواطنين التوجه الى المستشفيات للتبرع بالدم.
وقالت الشرطة ان سيارتين أخريين انفجرتا جنوب المدينة بعد مرور ساعة على الانفجار الاول. وأوضح اللواء برهان حبيب طيب ان «انتحارياً كان يحاول تفجير سيارته وسط سوق الشورجة لكنه تركها وهرب قبل وصوله الى السوق وانفجرت بعد ذلك مما اسفر عن اصابة شخص واحد فقط». وأعلن المقدم كامل رشيد، من الشرطة، «انفجار سيارة ثالثة في منطقة حي دوميز جنوب المدينة استهدف دورية للشرطة، مما اسفر عن مقتل ضابط وإصابة الدورية في جروح».
وكانت كركوك قد تعرضت لهجمات مماثلة؛ كان آخرها التفجير الانتحاري بالسيارة المفخخة التي استهدفت بلدة امرلي في السابع من الشهر الجاري، وأسفرت عن مقتل 130 شخصاً واصابة اكثر من 250 آخرين. وتشهد المدينة، توتراً سياسياً بسبب مطالبة الاكراد بإلحاقها باقليم كردستان، في حين يعارض التركمان والعرب ذلك. ويبلغ تعداد سكان كركوك اكثر من مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدو ـ آشورية. وتنشط الجماعات المتطرفة في هذه المحافظة، وخصوصا تنظيم «القاعدة» و«أنصار السنة» حيث تعلن القوات العراقية بصورة متكررة اعتقال قيادييها بين فترة وأخرى.
ووصف محافظ كركوك الوضع الأمني في مدينة كركوك بـ«المستقر نسبيا»، مشيرا الى ان «موضوع السيارات المفخخة او العمليات الانتحارية لا أحد يستطيع السيطرة عليها وتحدث في غالبية مدن العالم وحتى في المدن التي تسيطر عليها اجهزة امنية متطورة مثل لندن او مدريد او غيرها». واضاف محافظ كركوك لـ«الشرق الاوسط»، «ان الملف الامني في كركوك من مسؤولية الحكومة العراقية والقوات المتعددة الجنسيات، وليس من اختصاص حكومة كردستان العراق او الاحزاب الكردية او العربية او التركمانية». ودعا مصطفى الى «حل سريع لمسألة كركوك وفق المادة 140 ليعرف كل ذي حق حقه وكي تستقر العوائل العربية والتركمانية والكردية، وهذا بالتأكيد يقلل من الأزمة الامنية ويساعد على استقرار المنطقة». ووصف المحافظ العملية بـ«الاجرامية» واعتبرها «اكبر عملية اوقعت هذا العدد الكبير من الشهداء».
من جهته، أكد مصطفى سيد قادر عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، وعضو القيادة العامة للقوات المسلحة لاقليم كردستان العراق ان «هذه العملية الاجرامية هي الثالثة التي تستهدف مقرات الحزب، في مدينة كركوك». واضاف سيد قادر لـ«الشرق الاوسط»، عبر الهاتف من مكتبه في السليمانية امس، ان «الملف الامني في كركوك لو كان تحت ادارة حكومة كردستان العراق لكان افضل بكثير مما هو عليه الآن حيث الحكومة الاتحادية لا تستطيع السيطرة على الاوضاع الامنية».
وقال ستراند عبد الله، وهو كاتب صحافي كردي يعيش في كركوك لـ«الشرق الاوسط»، ان «الانفجار الاول وقع في منطقة قريبة من قلعة كركوك وأمام الجمعية الثقافية الاجتماعية في كركوك التي تضم مكاتب جريدة «كركوك اليوم». واضاف «المنطقة تضم ايضا مبانيَّ تجارية وسكنية وناديا رياضيا، مما ألحق خسائر بشرية كبيرة»، واصفا المنطقة بأنها ذات اغلبية سكانية كردية.
واضاف عبد الله وهو صاحب ومدير عام مؤسسة «خندان الثقافية» التي تصدر عنها صحيفة كردية تحمل عنوان «ئاسو»، «أن السيارة الثانية، وهي صغيرة انفجرت بالقرب من كراج السيارات التي تنقل المسافرين بين كركوك والسليمانية وأوقع عددا كبيرا من الضحايا والجرحى، بينما وقع الانفجار الثالث في شارع كركوك ـ بغداد، وفي منطقة سكانية ذات غالبية شيعية»، مشيرا الى «استشهاد الكاتب والصحافي الكردي مصطفى قرة داغي واصابة الصحافي والكاتب الكردي سمكوبهروز».